القهوة المختصة: ما هي وما الذي يجعلها مميزة ومطلوبة في سوق المقاهي؟

إذا كنت من محبّي القهوة أو كما كانت تسمى “خمرة الصالحين” فلا شكّ أنك تلاحظ تغيرات القهوة على مرّ العصور. حتى دخول ما يعرف بالقهوة المختصة الأسواق وبدء الأعمال فيها كتجارة وكل هذا يحتاج إلى علم ومعرفة بتفاصيل المجال وفي مقال اليوم سنعرّج على الموضوع ونعطيك نشرة شاملة.

جدول المحتويات

مفهوم القهوة المختصة

يستعمل مصطلح قهوة مختصة أو قهوة متخصصة على كل قهوة عالية الجودة. تصنفها جمعية القهوة الأمريكية (SCAA) وفق مقياس معين يتألف من 100 نقطة. على أن مقياسها أكبر من أو يساوي 80 نقطة. تكون القهوة المختصّة فريدة من نوعها. وتأتي بنكهات خاصة مثل الكراميل، أو الحمضيات أو الفواكه أو حتى الأزهار…

وتختلف اختلافا كبيرا عن القهوة العادية، لأنها تنمو على ارتفاعات شاهقة، في وقت ملائم، وفي تربة جيّدة، وتقطف في الوقت المناسب أيضا.

في غياب أي عامل من العوامل السّابقة تتأثر جودة القهوة، لهذا يحرص الكل على الحفاظ عليها، من المزارع إلى عمّال المحمصات وحتى الباريستا الذي يقدمها في شكلها الأخير. نميل إلى التفكير في أن القهوة المختصّة اتجاه جديد لكنّها في الأصل موجودة منذ فترة طويلة،

ما قصة مَحمصة هجين، ومَن السيدة الأولى في الشرق الأوسط التي تقبع خلفها؟

ففي أوائل أواخر القرن التاسع عشر، حدّد العملاء المميزون مثل فندق du Crillon في باريس أن قهوتهم كانت تشترى من قطع صغيرة مختارة في مزارع معينة في مناطق معينة من غواتيمالا.  ويرجع تاريخ تسمية قهوة مختصة إلى سنة 1974 بالضبط حيث استعملت من طرف إيرنا كنوتسن، في مجلة تجارة الشاي والقهوة (the Tea and Coffee Trade Journal)، بعد عدّة سنوات من افتتاح ستاربكس. 

ساعد ظهور متاجر كبيرة مثل ستاربكس و بيتز في انتشار هذا النوع من القهوة، ومنح عشاقها تجربة شرب فريدة من نوعها خاصة مع التحسينات التي أضافتها تكنولوجيا الزراعة والتحميص والتّخمير، ليزيد الطلب عليها في كلّ أنحاء العالم.

مناطق إنتاج القهوة المختصة الرئيسية

يتطور سوق القهوة المختصة باستمرار، بسبب زيادة الطلب عليها، وفقا لتقرير إنتاج القهوة الصادر في يناير 2020 عن الرابطة الدولية للبن فإن البرازيل، وكولومبيا والفيتنام يستحوذون على %74 من الإنتاج الكلي لهذه المادة.

وفي السنوات الأخيرة دخلت بعض البلدان في سباق الإنتاج كالصّين، والهند، ورواندا، وكينيا وغيرها. بسبب تنبؤات لتغير المناخ في المناطق المنتجة حاليا، وهو أهم عامل في رغبة بعض المناطق الأخرى الاستثمار في المجال لتأمين الطلب عليها مستقبلا.

الفرق بين القهوة المختصة والقهوة العادية 

يتشارك الكثير من الأصدقاء والعائلة شرب القهوة في مناسباتهم واجتماعاتهم اليومية وهذا ما يجعلها المشروب المفضل للجميع، لذلك زاد الطلب عليها في السوق، ففي القرن الماضي بلغت صناعة القهوة ملايين الدولارات في جميع أنحاء العالم، أما في القرن الحالي. أصبحت القهوة ثاني أكثر السلع المتداولة قيمة والثانية بعد البترول (الغاز). 

زيادة شعبية القهوة في السوق جعلته يمتلئ بالقهوة دون المستوى (القهوة العادية)، التي توجد عادة في المحلات التجارية، لذلك يحرص الكثيرون على اقتناء القهوة المختصة تلك التي نجدها فقط في أماكن تحميصها، هناك الكثير من الفروقات بين القهوتين إلا أن أهمها هو أن القهوة العادية تتكون من حبوب البن روبستا، أما القهوة المختصة فتتكوّن فقط من حبوب أرابيكا (البن العربي).

أما من ناحية النكهة فإن القهوة التجارية تتميّز بطعمها المر بالإضافة إلى نكهات القهوة العادية مثل الشوكولاتة والكاكاو والمكسرات، أما القهوة المختصة فمذاقها أكثر اعتدالا وحلاوة، لديها مجموعة مختلفة من النكهات والروائح مثل الحلويات والحمضيات والفواكه…

أصناف حبوب أرابيكا الشعبية

تعتبر حبوب أرابيكا (البن العربي) من أشهر أنواع حبوب البن، تأتي بشكلها البيضاوي. وتحتوي على كافيين أقل بكثير من القهوة العادية على الرغم من ثمنها الغالي. هناك العديد من أصناف هذا البن التي يمكن العثور عليها في أماكن معينة، حيث نجد أن أكثر أنواعه الطبيعية توجد في إثيوبيا، منها بُن الجيشا، يتميّز بطعمه الفريد من نوعه ليصبح أغلى حبة في العالم حيث ارتفعت أسعاره إلى 2000 دولار لكل رطل، ونجد أصنافا أخرى من حبوب أرابيكا مثل:

بوربون

يعتقد الكثير أن أصول بن البوربون من اليمن، وهي واحدة من أقدم حبوب البن وأكثرها زراعة في العالم، يمكن العثور عليها حاليا في رواندا والعديد من دول أمريكا الجنوبية، تكون القهوة المصنوعة من حبوب البوربون المحمصة مليئة بالزبدة، وتحتوي على القليل من الشوكولاتة الداكنة، لهذا يعتبرها الكثيرون معيار للقهوة الجيدة.

موكا

هي حبوب صغيرة ومستديرة، من أكثر أنواع البن لذة في العالم، يختلف لونها عند عدم تحميصها، يعتبر موطنها الأصلي اليمن، مع معاناة اليمن في الآونة الأخيرة، ظنّو أن حبوب الموكا الأصلية قد ضاعت، إلا أنه وبفضل دعم مجتمع البن الدولي، استطاع المزارعون توفيرها من جديد و بجودة أعلى من التي كانت عليها.

حبوب روبيستا 

تستخدم هذه الحبوب في صنع القهوة العادية (القهوة التجارية)، تكون باهتة المذاق والرائحة بالمقارنة مع حبوب أرابيكا، وتستعمل لأنها الأكثر ربحا فهي غنية بمادة الكافيين وهو أحد أهم الأسباب التي تجعل الناس تشربها في المقام الأول، بالإضافة إلى أنها لا تكلّف الكثير وتوفّر جهدا لأنها لا تتطلّب رعاية كبيرة ومنتوجها أكثر وفرة.

أنواع القهوة المختصة

هناك نوعين من القهوة المختصة قهوة مختصة ذات الأصل الواحد، وقهوة مختصة ذات العقار الواحد:

1. قهوة مختصة ذات الأصل الواحد: هي تلك الحبوب التي تأتي من بلد واحد فقط، عادة تحتوي خلطات القهوة المختصة على حبوب نشأت على الأقل في بلدين مختلفين لكن هذا النوع من الخلطات الأحادية الأصل، تكون من بلد واحد حتى ولو كانت مزروعة في مناطق مختلفة منه، وهذا ما يقدم لها مذاقا أصليا للغاية.

1. قهوة مختصة ذات العقار الواحد: حبوبها تكون من نفس المنطقة،.أي أن تزرع في نفس الظروف المناخية، تكون هذه القهوة ذات جودة عالية وطعم مميّز يستحيل إيجاده في الأنواع الأخرى من القهوة. يحتاج توفير هذا النوع إلى خبرة كبيرة في زراعة القهوة، لهذا يحتكر المزارعون حبوب هذا النوع. ولن تجده إلا في مكان واحد كما هو الحال مع حبوب بن الجيشا السابق ذكره، يوجد عقار واحد فقط في العالم من ينتجه، لذلك تكلفته باهظة.

كيفية تقييم جودة القهوة المختصة

يعتمد تقييم جودة القهوة المختصة على أربع ميزات أساسية:

• زراعة القهوة في مزرعة واحدة: تؤثر التربة والمناح في جودة فنجان القهوة. لذلك تعدّ القهوة ذات المنشأ الفردي أي المزرعة الواحدة قهوة ذات جودة عالية.
• مصدر بذور القهوة: تعدّ القهوة ذات البذور الأصيلة من أنواع القهوة الممتازة، خاصة أنها أصبحت تتعرّض مؤخرًا للتهجين واللعب في مكوناتها وبذورها الأصلية مما ينتج قهوة عادية ولا تتميز عن غيرها.
• طريقة الحصاد: من اجل الحصول على قهوة ذات جودة عالية يجب حصاد القهوة يدويًا لاختيار الحبوب الناضجة فقط. وأي اقتطاف للبذور دون نضج يؤثر على جودتها.
• عملية التحميص: يؤثر التحميص على جودة القهوة فهناك معايير للتحميص الجيد للحصول على قهوة ممتازة. لكن بعض المحامص تبالغ في التحميص إلى غاية الحرق أو العكس.

تحديات صناعة القهوة المختصة

ينمو سوق القهوة المختصة نموًا سريعًا في الآونة الأخيرة. فقد وصل سوق القهوة العالمية إلى 30 مليار دولار في 2019. ومن المتوقع أن يصل إلى 45 مليار دولار سنة 2025. ومن أكبر التحديات التي تواجه نموها:

• الافتقار إلى توحيد الجودة: وذلك نتيجة اختلاف عوامل المناخ ومناطق الزراعة وغيرها…
• الاستدامة: تعرضت القهوة للانتقادات كثيرة جرّاء تأثيرها على البيئة ما يجعلها اليوم تحاول إنتاج منتجات قابلة للتدوير وصديقة للبيئة.

لا يزال سوق القهوة المختصة ينمو في المنطقة العربية نتيجة الانفتاح. ومع تفضيل الجيل الجديد للقهوة الباردة بأنواعها. يستمر السوق في التوسع وتوفير منتجات متنوعة من أنواع القهوة حسب تطلب العميل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حقوق الصورة البارزة: Photo by Yanapi Senaud on Unsplash